ابن تيمية | هَلْ الكُفّارِ يُحاسَبُونَ يَوْمَ القِيامَةِ أمْ لا؟
ابن تيمية | هَلْ الكُفّارِ يُحاسَبُونَ يَوْمَ القِيامَةِ أمْ لا؟
مجموع الفتاوى لابن تيمية ٤ / ٣٠٥
سُئِلَ عَنْ الكُفّارِ:
هَلْ الكُفّارِ يُحاسَبُونَ يَوْمَ القِيامَةِ أمْ لا؟
فَأجابَ:
هَذِهِ «المَسْألَةُ» تَنازَعَ فِيها المُتَأخِّرُونَ مِن أصْحابِ أحْمَدَ وغَيْرِهِمْ فَمِمَّنْ قالَ إنّهُمْ لا يُحاسَبُونَ: أبُو بَكْرٍ عَبْدُ العَزِيزِ وأبُو الحَسَنِ التَّمِيمِيُّ والقاضِي أبُو يَعْلى وغَيْرُهُمْ ومِمَّنْ قالَ: إنّهُمْ يُحاسَبُونَ: أبُو حَفْصٍ البَرْمَكِيُّ مِن أصْحابِ أحْمَدَ وأبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ وأبُو طالِبٍ المَكِّيُّ. وفَصْلُ الخِطابِ أنَّ الحِسابَ يُرادُ بِهِ عَرْضُ أعْمالِهِمْ عَلَيْهِمْ وتَوْبِيخُهُمْ عَلَيْها ويُرادُ بِالحِسابِ مُوازَنَةُ الحَسَناتِ بِالسَّيِّئاتِ. فَإنْ أُرِيدَ بِالحِسابِ المَعْنى الأوَّلُ فَلا رَيْبَ أنَّهُمْ يُحاسَبُونَ بِهَذا الِاعْتِبارِ. وإنْ أُرِيدَ المَعْنى الثّانِي فَإنْ قُصِدَ بِذَلِكَ أنَّ الكُفّارَ تَبْقى لَهُمْ حَسَناتٌ يَسْتَحِقُّونَ بِها الجَنَّةَ فَهَذا خَطَأٌ ظاهِرٌ. وإنْ أُرِيدَ أنَّهُمْ يَتَفاوَتُونَ فِي العِقابِ؛ فَعِقابُ مَن كَثُرَتْ سَيِّئاتُهُ أعْظَمُ مِن
٤ / ٣٠٥
عِقابِ مَن قَلَّتْ سَيِّئاتُهُ ومَن كانَ لَهُ حَسَناتٌ خُفِّفَ عَنْهُ العَذابُ كَما أنَّ أبا طالِبٍ أخَفُّ عَذابًا مِن أبِي لَهَبٍ. وقالَ تَعالى: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْناهُمْ عَذابًا فَوْقَ العَذابِ﴾ وقالَ تَعالى ﴿إنّما النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الكُفْرِ﴾ والنّارُ دَرَكاتٌ فَإذا كانَ بَعْضُ الكُفّارِ عَذابُهُ أشَدُّ عَذابًا مِن بَعْضٍ - لِكَثْرَةِ سَيِّئاتِهِ وقِلَّةِ حَسَناتِهِ - كانَ الحِسابُ لِبَيانِ مَراتِبِ العَذابِ لا لِأجْلِ دُخُولِهِمْ الجَنَّةَ.
٤ / ٣٠٦
Yorumlar
Yorum Gönder