ابن تيمية | التَّوْبَة من ترك الحَسَنات أهم من التَّوْبَة من فعل السَّيِّئات
ابن تيمية | التَّوْبَة من ترك الحَسَنات أهم من التَّوْبَة من فعل السَّيِّئات
جامع الرسائل لابن تيمية ١ / ٢٢٩
والتَّوْبَة رُجُوع عَمّا تابَ مِنهُ إلى ما تابَ إلَيْهِ فالتوبة المَشْرُوعَة هِيَ الرُّجُوع إلى الله وإلى فعل ما أمر بِهِ وترك ما نهى عَنهُ ولَيْسَت التَّوْبَة من فعل السَّيِّئات فَقَط كَما يظنّ كثير من الجُهّال لا يتصورون التَّوْبَة إلّا عَمّا يَفْعَله العَبْد من القبائح كالفواحش والمظالم بل التَّوْبَة من ترك الحَسَنات المَأْمُور بها أهم من التَّوْبَة من فعل السَّيِّئات المنْهِي عَنْها فَأكْثر الخلق يتركون كثيرا مِمّا أمرهم الله بِهِ من أقْوال القُلُوب وأعمالها وأقوال البدن وأعماله وقد لا يعلمُونَ أن ذَلِك مِمّا أمروا بِهِ أو يعلمُونَ الحق ولا يتبعونه فيكونون إمّا ضالِّينَ بِعَدَمِ العلم النافع وإمّا مغضوبا عَلَيْهِم بمعاندة الحق بعد مَعْرفَته
وقد أمر الله عباده المُؤمنِينَ أن يَدعُوهُ فِي كل صَلاة بقوله اهدنا الصِّراط المُسْتَقيم صِراط الَّذين أنْعَمت عَلَيْهِم غير المغضوب عَلَيْهِم ولا الضّالّين ولِهَذا نزه الله نبيه عَن هذَيْن فَقالَ تَعالى والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكُم وما غوى وما ينْطق عَن الهوى إن هُوَ إلّا وحي يُوحى [سُورَة النَّجْم ١ - ٤] فالضال الَّذِي لا يعلم الحق بل يظنّ أنه على الحق وهُوَ جاهِل بِهِ كَما عَلَيْهِ النَّصارى قالَ تَعالى ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضَلُّوا عَن سَواء السَّبِيل [سُورَة المائِدَة ٧٧]
والغاوي الَّذِي يتبع هَواهُ وشهواته مَعَ علمه بِأن ذَلِك خلاف الحق كَما
عَلَيْهِ اليَهُود قالَ تَعالى سأصرف عَن آياتي الَّذين يتكبرون فِي الأرْض بِغَيْر الحق وإن يرَوا كل آيَة لا يُؤمنُوا بها وإن يرَوا سَبِيل الرشد لا يتخذوه سَبِيلا وإن يرَوا سَبِيل الغي يتخذوه سَبِيلا ذَلِك بِأنَّهُم كذبُوا بِآياتِنا وكانُوا عَنْها غافلين [سُورَة الأعْراف ١٤٦] وقالَ تَعالى واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آياتنا فانسلخ مِنها فَأتبعهُ الشَّيْطان فَكانَ من الغاوين ولَو شِئْنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرْض واتبع هَواهُ فَمثله كَمثل
الكَلْب إن تحمل عَلَيْهِ يَلْهَث أو تتركه يَلْهَث الآيَة [سُورَة الأعْراف ١٧٥ - ١٧٦]
Yorumlar
Yorum Gönder